الأحد، 5 مايو 2013





لمحة عن الفراسة عند السلف


محاور البحث


المقدمة

المحور الأول: مفهوم الفراسة


المحور الثاني : حكم الفراسة في الإسلام

المحور الثالث : قواعد في تعلم الفراسة

         
المحور الرابع : دلالات أعضاء الجسم في الفراسة

المحور الخامس : عجائب الفراسة عند الإمام الشافعي
                
                 - احذر هذه العلامات في الفراسة
                 - اعرف علامات العباقرة


التوصيات والنتائج .

الخاتمة .


المقدمة

عرف عن العرب والمسلمين قديما فراستهم في التعرف على اطباع البشر ومعرفة ميولهم من خلال اشكالهم الظاهرة من اعضاء بشرية (العين- الحواجب- تقاطيع الوجه...) وهيئة خارجية تتمثل في الملبس وكيفية التعامل مع الاخرين بتلويح اليدين وطريقة تناول الطعام والمشي مثلا حتى قبل التعامل معهم الامر الذي جعل العلماء من اسلافنا يبحرون في هذا العلم حتى اشتهرت بعض القبائل بهذه الفراسة لتكون للمسلمين الريادة في هذا المجال .
وقد جاء الاسلام ليتطرق اليه في الكتاب والسنة كما جاء في كتابه العزيز ( .. سيماهم في وجوههم من اثر السجود..)حتى كان أحد أئمة السنة الأربعة أعجوبة في فراسته وهو الإمام الشافعي الذي سافر إلى اليمن يطلب علم الفراسة في خمس عشرة عاما .
بعد ذلك جاء علماء الغرب في العصر الحديث ليدرسوه ويستفيدوا منه جل الاستفادة ثم يطوروه ويبرعوا فيه.
من هنا كان لابد من التطرق الى هذا العلم لمعرفة الاخرين والاسهام في التعرف على الاشخاص عن بعد بغية تقوية التواصل الايجابي في المجتمع وفرز افراده بين الخير والشر لتجنب الوقوع في المكائد والمشكلات التي من الممكن تحاشيها بالفراسة. 
لذا جاء هذا المبحث ليسهم ولو بالشي اليسير في فهم هذا العلم والتعمق فيه لمعرفة الاخرين من خلال دلالة الاعضاء والعلامة الظاهرة وغيرها من المفاهيم الجديرة بالاهتمام .
نسأل الله أن يكون هذا العمل دافعا لدى الباحثين للتعمق فيه اكثر والاستفادة منه من قبل الدارسين وان يثيبنا جميعا على ماسطرناه خدمة لامتنا ومجتمعنا والبشرية جمعاء.

                                   
                                 منى القاسمي



المحور الأول

مفهوم الفراسة


تعريف علم الفراسة

الفِراسة لغة بكسر الفاء النّظر والتثبّت والتأمّل للشيء ، والبصر به

والتفرس : التوسم ، وتفرّس فيه الشيء ، توسَّمه ،

ويقال : تفرستُ فيه خيرا يقال في أيام العرب تفرست في وجه الرجل فعرفت من أين هو ومن أين قدم، وهكذا اعتبر من ضمن العلوم الشائعة آنذاك

والفِراسة اصطلاحاً : هي استئناس حكم غيب من غير استدلال بشاهد ، ولا اختبار بتجربة

وعُرفت الفراسة أيضاً : بأنها الاستدلال بالخلق الظاهر على الباطن .

او أنها : علم من العلوم الطبيعية تعرف به أخلاق الناس الباطنة من النظر الى أحوالهم الظاهرة كالالوان والاشكال والاعضاء

او الاستدلال على أخلاق الناس وقواهم ومواهبهم وضروب حركاتهم من النظر الى اشكال أعضائهم

وللفِراسة اطلاقان ، الاول عام ، والثاني خاص ،
 أما الاول ، فانها تعني مطلق النظر والتثبت والتوسم والاستئناس في الموجودات ، فهناك فراسة الانسان ، والحيوان ، والنبات ، والجماد ، وفِراسة الامم ، وفراسة المهن والصناعات ، وفراسة المشي ، وفراسة الخط ، وفراسة المقابلة[5] وغيرها من فروع هذا العلم الواسع سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى

والثاني فإنها تعني النظر والتوسم والاستئناس الخاص في الانسان ولكل منهما له قسمان :

الاول : الفراسة الالهية النورية ، الشرعية

الثاني : الفراسة الحكمية الاكتسابية  

قال أبو شجاع الكرماني : من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة وكف نفسه عن الشهوات وغض بصره عن المحارم واعتاد أكل الحلال لم تخظىء له فراسة وقد ذكر الله سبحانه قصة قوم لوط وما ابتلوا به ثم قال بعد ذلك: إن في ذلك لآيات للمتوسمين [ الحجر: 75 ] وهم المتفرسون الذين سلموا من النظر المحرم والفاحشة وقال تعالى عقيب أمره للمؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم: الله نور السموات والارض  النور:35

يقول الشيخ إسماعيل نور الدين: إن للفراسة تأثيراً على القلب وتكون على حسب قوة الإيمان فمن كان قوى الإيمان كانت فراسته عالية بحيث يتعرف على الأشخاص من خلال سماتهم وأفعالهم

فمن المهم أن تستخدم الفراسة في التعرف على طبائع الناس وصفاتهم، خاصة الذين نتعامل معهم في حياتنا اليومية ففي ذلك أهمية بالغة للتعرف على من حولنا بصورة أوضح وأدق لمعرفة حدود تعاملنا معهم
ولكن الأهم ألا نتسرع في إصدار الأحكام على الآخرين دون دراسة متعقلة ومتأنية

وذلك حتى لا نقع في الخطأ عند إصدارنا لتلك الأحكام
كذلك يجب أن ندرك ونهتم بأهمية الفراسة والصفات التي تشير إليها من علامات عضوية تشير إلى أخلاق أصحابها وسلوكهم

فإن إهمال هذا العلم والذي لا يمكن إنكاره تؤدي إلى بطء الاندماج في العلاقات الإنسانية وتوقع العديد من الناس في مشاكل وعلاقات غير سوية




المحور الثاني

حكم الفراسة في الاسلام


هذا العلم متاصلا في كتاب الله تعالى وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .

قال تعالى (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا".)

وقال ايضا (سيماهم في وجوههم من أثر السجود)

وقال ايضاُ ("... عبس وتولى) ومعنى عبس اي عبوس الوجه وهو معروف .

وقال تعالى(وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم)

وقال تعالى (ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت)

وقال تعالى(إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ)

الفراسة في السنة النبوية :

اما في السنة النبوية على صاحبها افضل الصلاة واتم السلام
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ("اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ) رواه الترمذي
ولقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده رضي الله عنهم بالقافة وجعلها دليلا من أدلة ثبوت النسب وليس ههنا إلا مجرد الأمارات والعلامات

هل للحاكم أن يحكم بالفراسة ؟
 
فهذه مسألة كبيرة عظيمة النفع جليلة القدر إن أهملها الحاكم أو الوالي أضاع حقا كثيرا وأقام باطلا كثيرا وإن توسع فيها وجعل معوله عليها دون الأوضاع الشرعية وقع في أنواع من الظلم والفساد

وذلك مستند إلى قوله تعالى { إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ } حين ذكر قول شهادة الشاهد ولم ينكر عليه ولم يعبه بل حكاها مقررا لها فتوصل بقد القميص إلى معرفة الصادق منهما من الكاذب .




المحور الثالث

قواعد في تعلم الفراسة

ان قراءة الاف المجلدات عن موضوع الفراسة ليس كالتفرس كما ان القراءة في موضوع السباحة ليس كممارسة السباحة فعلا

ان الحل هو عدم الاسراف في الاعتماد على جزء واحد دون الاجزاء الاخرى في معرفة دلالة العضو اذ ينبغي توجيه الاهتمام نحو العضو المركزي بشكل عام وهو الوجه واختيار النقطة القوية الظاهرة على النقطة الخفية المحتشمة للوصول الى الحكم الصادق وهذا لا يكون الا بالدربة والتمرن فالشافعي مثلا طلب علم الفراسة لمدة خمس عشرة سنة وألف فيها كتاب الدراسة في علم الفراسة 

وعن النوع القابل للتعلم من الفراسة يجب ان يراعى فيه ثلاثة امور :

١- الدلالات المرتبطة بالاعضاء الجسمية ظنية الدلالة ولذا فالمتفرس مطالب بأن لا يبني فكرته على علامة واحدة .

٢- التركيز على معرفة الصور الظاهرة البارزة اكثر من غيرها فالاختلاف بين المحسوسات قد يكون جليا او خفيا لا يدرك الا بنفاذ البصيرة واذا توفرت في المتفرس قوة الحافظة و قوة الادراك والربط بين الاجزاء قوي امره و كان حكمه اصدق

٣-  قد تتعارض الدلائل في الظاهر فيجب ترجيح الدلائل الدالة على حصول الخلق المعين اذا كانت حاصلة في العضو محل ذلك الخلق فأن تحصل دلائل في الوجه و العينين على كون الانسان جبانا و تتعارض مع دلالات الشجاعه في الصدر و الكتفين فالاجرد هنا الاخذ بالدلاله الثانيه لا محل الشجاعه هو القلب كما ان محل القوة الباطنه هي الدماغ و محل القوه الشوانيه الكبد





المحور الرابع

دلالات أعضاء الجسم في الفراسة



يحتل عضو الرأس سنام العملية التفرسية لدى المتفرس لكون الرأس يحوي اكثر من عضو ( العينين والفم والانف و.. ) و الرأس فيه الوجه وهو حقيقة الانسان 


دلالة اشارات العين ان سلوك العين يختصر الطريق لفهم دلالات العين

فمن عظمت عيناه فهو كسلان لان عظمة العين دليل على كثره الماده الرطبه الدماغية مما يوجب البلاده اما جحوظ العينين دليل على ان صاحبها جاهل مهذار وهي دلاله اعتباطيه بلجاحظ قد عرف بهذه الصفه وهو من اذكى الناس
ان السواد مؤشر على وجود المادة السوداوية في العين ما يوجب الخوف وهو تفسير علمي محض . ومثله الاحمرار مؤشر للغضب .
ان سرعة حركة العينين وحدة النظر دلالات على ان صاحبها لص وبطؤهما وجمودهما من تعمق الانسان في التفكير والتامل وهو قائم على التأويل المنطقي .


عن طريق الفراسه قد نتعرف على الاشخاص في كثير من الاشياء

من وقفته

وقفة المتقدم الى الأمام الناظر لشيء ما ,وموجه إنتباهه إليه فذلك يظهر حنان ودفء الشخصية.
وقفة الإنسحاب فهو لا يثبت على حال يدل على الخجل والملل والتردد.
وقفة المنتصب وهي تشيرالى قوة التحمل وهي وقفة الفخر والزهو بالنفس والثقة.
وقفة التقلص والانكماش وتدل على الإذعان والخضوع والإستكانه وربما الإكتئاب.


من مشيته

الأشخاص السعداء يتمتعون بخطوات خفيفة,أما الاشخاص المقهورون فانهم يمشون ببطء وتكون وقفاتهم منحنية واقدامهم ثقيلة.
من يضع يديه بجيوبه فانه يدل على شخصية منسحبة وغامضة ويكون عرضة لنقد الاخرين.
الحركة البطيئة وغيرالمنتظمة والراس المنحني توقع منه ركل ما يعترض طريقه.
من يحني ذراعيه في الطقس الحار فهو في حالة دفاعية ,واكثر من يفعل ذلك هم النساء.
أما من يلف ذراعيه حول جسمه فذلك يعطي ايحاء بالثقة الجسمية.
ومن يمشي ورأسه منحنيه الى اسفل ويفكر تفكيرا عميقا ويحملق بالارض دون تركيز فهذا ليس مكتئب ,إنما ينتقل ببطء ليفكر بوضوح أكثر ولا يريد شيئا يشتت أفكاره.


من عينيه

من يغلق عينيه أثناء المناقشة ربما كان يحاول تذكر شيء ما ويستعيد المعلومات بشكل مركز.
العين التي تغيراتجاهها وتحملق بسرعة ذهابا وايابا أثناء الكلام تعطي إنطباعا هروبيا ومحاولة ايجاد مخرج أو صاحب أكثر أهمية.
العين المراوغة تحمل قتارة في الهواء وتارة في الارض,يتجنب الناس النظرالطويل الى عيون بعضهم لأن ذلك يدل على الخداع والخجل أو الحسد أو الحياء.
الأصدقاء الحميمين لا يتبادلون النظرات طويلا عندما يتحدثون عن مشاعر شخصية.


من طريقة سمعه

فرك الإذن ووضع الاصبع داخل الإذن أو ثني كل إذن للأمام, كل ذلك محاولة للتخلص من الضجيج أو من حديث ممل وغير مسل.


من سلوكه وعاداته

الشخص المتوتر جدا يصاب بالعطش الشديد ويزيد من شرب السجائر.
ومن ينفث دخانه للأعلى فذلك يدل على ثقة كبيرة بالنفس أكثر من الذي ينفثه لأسفل.
هل مللت من الإنصات الى حديث شخص ما ؟ اذن تثاءب!!!
المضطرب داخليا ينظف لبسه من غبار غير موجود أصلا , ويغسل يديه باستمرار.
الإتكاء على جدار أوعمود وقوفا أثناء التحدث مع أخر دل على حميمية ومعرفة تامة.


من جلسته وقعوده

اذا كان الشخص جالس أو يداه ملتفتان أحداهما على الأخرى وساقاه أيضا ,فانه لا يشعر بالأمان.
واذا كان جسمه يتجه بعيدا عنك باتجاه أقرب مخرج فإنه يريد الفكاك والخروج.
إذا كان من تحدثه لاول مرة جالسا على كرسي و واضعا احدى قدميه أو ساقه على ذراع الكرسي فلتعرف أنه لا مبالي ويريد التقليل من شأنك.
اجلس جلسة دفاعية و متحفظة يقل فهمك للموضوع المطروح , واجلس حرا ومسترخيا تفهم كل ما يدور.
عندما يحزن الانسان ينكب على بطنه ويغمض عينيه.


من نومه

النوم بوضعية الجنين في بطن أمه ,وهي وضعية دفاع عن النفس و وقاية الجسم وبها لا يشعر بالامان.
وضع الساق ممدودة والأخرى مثنية من ينام هكذا فإن له شخصية مزدوجة وربما يكون الشخص واثقا من نفسه وخجولا في نفس الوقت.
المنبطح وجهاً فهذا دقيق ونظامي ومقاتل شرس في سبيل الدفاع عن وجهة نظره.
الإستلقاء على الظهر مع الاسترخاء الكامل للشخص الآمن والواثق والسعيد ,وتكون لهم حركات صبيانية مما يزيد من شعبيتهم.


من إبتسامته

من يبتسم طويلا يكون تأثيره على الأخرين أمن ,فهذا نقيضه الجدي العابس تجد وجهه متجعدا,فلا هو سعيدا ولا من يقابله كذلك.
ذي الإبتسامة البسيطة التي تحصل عندما يتحول الفم بحركته الى أعلى مع بقاء الشفاه مغلقة ,فهي إبتسامة مزيفة.


من ضحكته

الضحك إستجابة قريبة من الدموع, حيث توجد صور لأشخاص لا تدري إن كانوا يضحكون أم يندبون.
(دقيقة واحدة من الضحك توفر 45 دقيقة من الاسترخاء)

من دموعه

البكاء يعطي الراحة والهدوء ويفرغ شحنة التوتر والإنفعال المكبوت.
الطفل يبكي ليحصل على غذائة أو لتبديل ملابسة,ويكبر فيبكي لجذب إنتباه والديه,وعندما يحصل على مراده يتوقف عن البكاء.


من لونه المفضل

(اللون الأزرق )للشخص الذي يحتاج الى الإحساس بالهدوء ,ولقد تبين أن هذا اللون يخفض ضغط الدم ويشجع على الإسترخاء والرفض الكلي لهذا اللون وجعله في ذيل القائمة يكشف عن نفسية مقلقة ومتعبة.
(الأبيض )للشخصية الشفافة والصافية.
 (الأحمر )لون الشباب والحيوية والإثارة, كما أنه لون للتفاؤل.
(الأصفر )مثير للنزوات ومن يحبه يتمتع بتفكير اصلي وهو منتج و ذو طاقة كبيرة ,والذهبي منه يدل على شخصية متفائلة.
(الأخضر) محب اجتماعي ونشيط وفخور بنفسه ,كما أنه يعاني من التوتر العصبي السريع ,كما أنه يتحلى بقدر كبير من الصبر.


من شعرها

ذات الشعر الطويل أكثر حنانا واثارة من ذات الشعر القصير,
والأخيرة جريئة وصبيانية ودلالة على اجراءها,و تبديلات هامة في نفسها.
الشقراء تتميز بالمرح والمزح واللطف وحب المغازلة.
ذات الشعر الاسود ذات النضج والإقدام والذكاء.
ذات الشعر الأحمر مثل الشقراء ,أما الأحمر الذهبي الخفي فحذار, إنه لذات اللسان السليط والذكاء الحاد والمزاج العصبي.


من لحيته وشاربه

الشعر الغير منظم يدل على عدم التركيز وعدم الانتظام ,ومع ذلك فمن يمتلك هذا النوع فهو أما فنان أو عالم .
الأشخاص الذين يحلقون فجأة لحاهم ,إنما يريدون تغييرا في حياتهم.
صاحب الاثنتين اللحية والشارب ,فهذا حريص على نفسه و يستطيع التخطيط للنتائج التي يرغب في صنعها


 

المحور الخامس

عجائب الفراسة عند الإمام الشافعي


جاء ثلاثة رجال يقال لهم الربيع والمزني والبويطي للإمام الشافعي فنظر إليهم رحمهم الله تعالى جميعا وقال للربيع : أنت تموت في الحديث ، وقال عن المزني : هذا لو ناظره الشيطان قطعه وجدله ، وقال للبويطي : أنت تموت في الحديد ...!!
ويقول الربيع أحد الثلاثة : فدخلت على البويطي أيام المحنة ، فرأيته مقيدا مغلولا ..

- وقد جاءه رجل مرة ليسأله عن مسألة شرعية ، فقال له الشافعي رحمه الله : أنت نسّاج ..؟؟ ، فأجابه الرجل نعم وعندي أجراء ...

- وجاءه مرة رجل يسأله مسألة فقال له الشافعي : من أهل صنعاء أنت ..؟؟ فقال : نعم .. قال الشافعي : فلعلك حداد ..؟؟ ، قال : نعم ..!!

وقد كان الإمام الشافعي حجة عظيمة في كل علم ، لا يكاد يمر عليك علم من العلوم إلاّ وتجد له باعا فيه ، ومن العلوم التي درسها وأجاد فيها كعادته علوم الفراسة قال الشافعي رحمه الله تعالى :

قال ابن أبي حاتم :" ثنا أحمد بن سلمة بن عبد الله النيسابوري قال أبو بكر محمد بن إدريس - وراق الحميدي - : سمعت الحميدي يقول: قال محمد بن إدريس الشافعي: خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كَتَبْتُها وجَمَعْتُها، ثمّ لمّا حان انصرافي مررتُ على رجلٍ في طريقي وهو مُحْتَبٍ بفناء داره، أزرق العينين، ناتئ الجبهة، سِنَاطٌ (هو الكوسج الذي لا لحية له) فقلت له: هل من منزلٍ؟ فقال: نعم - قال الشافعي - وهذا النعتُ أخْبَثُ ما يكون في الفراسة – فأنزلني، فرأيتُ أكرم رجلٍ، بعثَ إليَّ بعشاءٍ وطيبٍ، وعَلَفٍ لدابَّتِي، وفراشٍ ولحافٍ، فجعلتُ أتقلّبُ الليلَ أجمعَ ما أصنعُ بهذه الكتبِ؟ إذ رأيتُ هذا النعتَ في هذا الرجلِ، فرأيتُ أكرمَ رجلٍ فقلتُ: أرمي بهذه الكُتبِ.فلمّا أصبحتُ قلتُ للغُلام: أسرِجْ، فأسرجَ، فركبتُ ومررْتُ عليه، وقلتُ له: إذا قدِمْتَ مكة ومررتَ بذي طُوًى فسَلْ عن منزل محمد بن إدريس الشافعيّ.فقال لي الرجل: أمولى لأبيك أنا؟! قلتُ: لا.قال: فهل كانت لك عندي نعمةٌ؟! فقلتُ: لا.فقال: أين ما تكلَّفتُ لك البارِحةَ؟ قلتُ: وما هُوَ؟قال: اشتريتُ لك طعامًا بدِرهَمَينِ، وإدامًا بكذا، وعِطْرًا بثلاثةِ دراهِمَ، وعَلَفًا لدابَّتِك بدرهمين، وكراءُ الفِراشِ واللِّحافِ درهَمَانِ. قال: قلتُ: يا غلامُ أعطِهِ، فهل بَقِيَ من شيءٍ؟
قال: كِراءُ المنزلِ، فإنّي وسّعتُ عليك، وضيّقتُ على نفسي - قال الشافعي- فغَبَطتُ نفسي بتلك الكتُبِ، فقلتُ له بعد ذلك: هل بَقِيَ من شيء؟ قال امضِ، أخزاكَ اللهُ، فما رأيت قطا شرا منك



احذر هذه العلامات في الفراسة

- وكان من أقواله المأثورة رحمه الله تعالى في علم فراسة الأبدان : إحذر الأعور والأحول والأعرج والأحدب والأشقر والكوسج ، وكل من به عاهة ( خاصة من ولد بها ) في بدنه ..

- وروى أحد تلامذة الشافعي أنه إشترى له طيبا بدينار ، فسأله الشافعي : ممن إشتريت ..؟؟ ، فقال : من الرجل العطار الأشقر الأزرق .. فقال الشافعي : أشقر وأزرق ..؟؟ ، إذهب ورد العطر ، ماجاءني خير قط من أشقر ...!!

- وقد روي عن الإمام الشافعي أنه قال : ليس من قوم لا يخرجون نساءهم إلى رجال غيرهم ( يقصد بذلك زواج الأقارب ) إلاّ جاء أولادهم حمقى ..




توصيات ونتائج البحث :


1- ان علم الفراسة ينطلق من العلامة الظاهرة للوصول الى المعنى والحقيقة أي التأويل. 

2- ان الدلالة لا يمكن حصرها من خلال قراءة علامة بحد ذاتها بل لابد على المتفرس من ادراك الموطن الاصل للدلالة ليعضدها بالدلالات الاخرى التي قد تتوزع على اكثر من عضو واحد كأن تعرف شجاعة الرجل وقوته من قوة عضلاته و سعة صدره وغيرها من الاعضاء والشجاعة محلها القلب لتكون العين اضعف الدلالات على الشجاعة والقوة.

3- لقد اعتمدت تأويلات المتفرسين على ثلاثة أسس :

١- تشبيه الانسان بالحيوان باعتبار الحيوان المؤنس الوحيد للانسان العربي في الصحراء فهي تشبيهات عرفية لا اكثر.

٢- السببية القائمة على العمليات العقلية وهذا اساس علمي.
كأن يفسر وجود المادة الرطبة في عين الانسان بكونه جبانا وهذا راجع لافراز هذه المادة في جسم الانسان.

٣- الاعتباط الذي يخرج الحكم من دائرة العلمية.
وبناء على هذه الاسس يمكننا القول ان النتائج التي يصل اليها المتفرس تحتمل ان تكون صحيحة او خاطئة.

4- لا تكفي الرؤية البصرية لتحصيل المعرفة بالنفس البشرية بل لابد من إدراك التحليل لما بعد الصورة الظاهرة وهو ما يتم تحصيله بالبصيرة النافذة بل والالمام بالحالة الاجتماعية ايضا.

٥- نوصي بدراسة هذا العلم في الجامعات على ايدي المتخصصين .

٦- من الضروري تطبيق هذا العلم على ارض الواقع من قبل الباحث تجاه الاخرين لمعرفة مدى نجاحه في هذا المجال والاستفادة التي خرج بها بعد الدراسة من اجل التعرف على النفس البشرية عن قرب بعيدا عن التنظير والنظريات.

٧- خلق جو من التنافس داخل المجتمع كالاسرة مثلا لمعرفة مدى نجاح افرادها في معرفة ميول الاصدقاء والغرباء الذين يتم التعرف عليهم داخل محيط الاسرة ومن ثم معرفة من اصاب الحقيقة بمعرفته اطباع الاشخاص و من اخطأ الامر الذي ينمي من الفراسة وبعد النظر وفهم الشخصية لدى المتنافسين.



الخاتمة

ركزنا في هذا البحث على فراسة البشر 
 فوجدنا أن علم الفراسة انطلق من العلامة الظاهرة الدالة على الصفة الباطنة للوصول الى المعنى والحقيقة اي التأويل .
ان الفراسة تستند الى آليات منطقية كالاستدلال والقياس والاستنباط و هي ناتجة عن الرغبة في فهم الآخر فإما ان يصدق الحدس او يخطئ تبعا لمهارة المتفرس .

لقد كشف لنا تحليل كل عضو في الانسان عن الاهمية التي أولتها الفراسة للتواصل الانساني وفهم النفوس واعتبار اعضاء الجسد وسيماتها اي صفاتها دالة على حقيقة صاحبها ومعانيه واخلاقه لنصل في النهاية  الى خلاصة مفادها ان الدلالة لا يمكن حصرها من خلال قراءة علامة بحد ذاتها بل لابد على المتفرس من ادراك الموطن الاصل للدلالة ليعضدها بالدلالات الاخرى التي قد تتوزع على اكثر من عضو واحد كأن تعرف شجاعة الرجل وقوته من قوة عضلاته و سعة صدره وغيرها من الاعضاء لتكون العين وهي ليست الموطن الاصلي للبسالة و الشجاعة هي اضعف الدلالات على الشجاعة والقوة .

لقد كانت هذه لمحة بسيطة حول الفراسة عند السلف و كان الآئمة الشافعي وابن القيم الجوزية والرازي من أشهر من ألف في الفراسة ثم أخذه عنهم الأوروبيون وطوروه لذا وجب علينا ان نتوسع في هذا العلم القائم بحد ذاته للتعرف على النفس البشرية و طبائعها لنكمل مااسسه علماؤونا الاولون وطوره الاوربيون ونضيف عليه بالتجديد والتطوير لتعود لنا الريادة في هذا العلم الواسع.
والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد .  والله ولي التوفيق .



المراجع

- كتب :

الفراسة دليلك إلى معرفة أخلاق الناس وطبائعهم وكأنهم كتاب مفتوح للإمام فخر الدين الرازي 544- 606 هـ - تحقيق وتعليق مصطفى عاشور – مكتبة القرآن للطبع والنشر والتوزيع – جميع الحقوق محفوظة لمكتبة القرآن
طرق معرفة اخلاق الناس / الرازي ص 48


المواقع الالكترونية التالية :

1- موقع الامام ابن القيم الجوزية - رحمه الله
http://www.ibnalqayem.com/article/2-selected-articles/151-53.html

      2- إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان- الباب الثامن
ابن قيم الجوزية
http://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A5%D8%BA%D8%A7%D8%AB%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%D9%81%D8%A7%D9%86/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%85%D9%86


3- آداب الشافعي ومناقبه (129-130) تأليف الحافظ أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي تحقيق عبد الغني عبد الخالق مكتبة التراث الإسلامي]
د.عبد العزيز بن محمَّد بن عبدالله السَّدحان

http://www.a-alsadhan.com/fawaidilmiya/315-119.html


4- المرجع  ( موقع صوت )


5- بحث تخرج ماجستير الطالبة سفيحي فاطمة بعنوان " الفراسة في التراث العربي في ضوء الدرس السيميائي المعاصر "



6- مدونة احمد رياض عن أسرار الوجه



7- علم الفراسة ولغة الجسد


8- علم الفراسة باختصار


9- علم الفراسة تعريفها وتاريخها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق