الاثنين، 8 أبريل 2013

حديث أم زرع


بسم الله الرحمن الرحيم

تحليل حديث أم زرع

روى الإمام البخاري في صحيحه في كتاب النكاح، (باب السمر مع الأهل)، ورواه الإمام مسلم في كتاب الفضائل من صحيحه، وكذلك رواه الإمام النسائي في كتاب عشرة النساء، ورواه كثيرون، 
قالت عائشة رضي الله عنها وهي تقص على النبي عليه الصلاة والسلام حكاية : ( جلست إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً، قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث، على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقى.
وقالت الثانية: زوجي لا أبث خبره، إني أخاف ألا أذره، إن أذكره أذكر عجره وبجره.
وقالت الثالثة: زوجي العشنق، إن أنطق أطلق، وإن أسكت أعلق.
وقالت الرابعة: زوجي كليل تهامة، لا حر ولا قر، ولا مخافة ولا سآمة.
وقالت الخامسة: زوجي إذا دخل فَهِد، وإن خرج أسد، ولا يسأل عما عهد.
وقالت السادسة: زوجي إذا أكل لف، وإذا شرب اشتف، وإذا اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث.
وقالت السابعة: زوجي عيايا أو غيايا، طباقا، كل داء له داء، شجك أو فلك أو جمع كلاً لك.
وقالت الثامنة: زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب.
وقالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد.
وقالت العاشرة: زوجي مالك، وما مالك! مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك قليلات المسارح، إذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك.
وقالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع فما أبو زرع ! أناس من حلي أذني، وملأ من شحم عضدي، وبجحني فبجحت إلي نفسي، وجدني في أهل غنيمة بشق فجعلني في أهل صهيل وأطيط ودائس ومنق، فعنده أقول فلا أقبح، وأرقد فأتصبح، وأشرب فأتقمح.
أم أبي زرع ! فما أم أبي زرع عكومها رداح، وبيتها فساح.
ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع ! مضجعه كمسل شطبة، ويشبعه ذراع الجفرة.
بنت أبي زرع فما بنت أبي زرع ! طوع أبيها، وطوع أمها، وملء كسائها، وغيظ جارتها.
جارية أبي زرع فما جارية أبي زرع ! لا تبث حديثنا تبثيثاً، ولا تنقث ميرتنا تنقيثاً، ولا تملأ بيتنا تعشيشاً.
قالت: فخرج أبو زرع والأوطاب تمخض، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين، يلعبان من تحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلاً ثرياً، ركب سرياً، وأخذ خطياً، وأراح علي نعماً ثرياً، وأعطاني من كل رائحة زوجاً، وقال: كلي أم زرع وميري أهلك، قالت: فلو أني جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عائشة رضي الله عنها: كنت لك كـ أبي زرع لـ أم زرع ).
وفي رواية النسائي قال لها: ( ولكني لا أطلقك )، هذه الزيادة وردت عند الإمام النسائي .

الدروس المستفادة من الحديث ( تحليل ) :

1-    من هدي الحبيب عليه والصلاة والسلام مع زوجاته الأنس المتبادل بين الزوجين ففي هذا الحديث تؤانسه السيدة عائشة برواية حكاية شيقة من مجالس النساء وإن كانت طويلة ومفصلة والنبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم ينصت لها إنصاتا شجعها على إكمال الحكاية إلى النهاية حينئذ فهم الرسول عليه الصلاة والسلام مغزى القصة ومراد عائشة منها فلاطفها بقوله (كنت لك كـأبي زرع لأم زرع ) وزاد في طمأنتها بقوله ( ولكني لا أطلقك ) .

2-    من عادة النساء الحديث عن أخبارهن مع أزواجهن في مجالسهن وهذا يتضح من قول عائشة ( جلست إحدى عشرة امرأة .. ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً ) وهو مجلس نميمة قد حدث في الجاهلية قبل الإسلام ولا يليق بالنساء المسلمات .

3-    المرأة الأولى ذمت زوجها لصفاته التالية :
سيء الخلق و المعشر صعب الرضاء فهو يريدها أن تبذل الكثير في سبيل إرضائه فإن رضي لم تنل منه شيئا يرضيها إلا النزر اليسير الذي لا يستحق في سبيله بذل المجهود فما أحسن الزوج الخلوق الهين اللين مع زوجه .

4-    وتذم الثانية زوجها أيضا ويبدو أنها تخاف أن يطلقها فهي لا تشعر معه بالأمان ولذا قالت ( زوجي لا أبث خبره، إني أخاف ألا أذره ) وقد كرهت فيه كثرة تهديدها بالطلاق

ومع أنها ذكرت أنها تخشى إن تحدثت عن خبره أن يطلقها إلا أنها لم تستطع أن تتمالك لسانها - حماقة منها - فأردفت تقول ( إن أذكره أذكر..) تقول: أنا لن أتكلم، ولا أبث خبره، ومع ذلك فقد تكلمت !

ثم وصفت هذا الرجل أن له عيوبا ظاهرة جلية ومعروفة وكنت عنها بالعجر وهو انتفاخ عروق الرقبة ، وله عيوبا خفية لا تعرفها إلا المرأة، وكنت عنها بالبجر، الذي هو انتفاخ السرة.

ويبدو أن هذه المرأة كانت قليلة الوفاء لزوجها لأنها أطلقت عليه صفة التعميم فهي لا ترى فيه خيرا أبدا . وهذا مصداق لقول النبي عليه الصلاة والسلام لما أتى النساء في يوم عيد، ووعظهن: ( يا معشر النساء! تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقامت امرأة من وسط النساء فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن اللعن، وتكفرن فقلن: نكفر بالله؟ قال: لا.تكفرن العشير -أي: الزوج- لو أحسن الرجل إليكن الدهر ثم رأيتن منه يوماً سوءاً لقلتن: ما رأينا منك خيراً قط ).

5-    وتتواصل الشكاوى من الأزواج على لسان المرأة الثالثة على التوالي فهذه تصفه ب( العشنق ) أي : الطويل المغفل وليس فيه منفعة، ومع هذا الطول المفرط فهو سيء الخلق، لا تستطيع أن تشتكي منه، وإذا سكتت فإن النتيجة أنه يعلقها فيدعها لا هي متزوجة ولا هي مطلقة. ونستفيد من كلام هذه المرأة :

·        أن المرأة يهمها أن يكون شكل الزوج مقبولا فإن لم يكن فعليه أن يغطي عيبه بفضل عقله فإن لم يكن فبحسن خلقه وكرمه .

·        الزوج الصالح يتسع صدره لأن تشتكي منه زوجه ويحاول إصلاح بيته وهذا أمر الله تعالى في محكم قرآنه ولا يجوز للزوج تجاهل حقوق زوجه وإلا كان ناشزا . فهذه المرأة تعاني من نشوز زوجها في قولها ( إن أنطق أطلق ).

·        المرأة تكره الرجل الذي لا يشعرها بالأمان .

·        حال هذه المرأة أنها معلقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة. ومع ذلك فهي لا تشتكي خوفا من طلاقها وهي تفضل أن تصبر على هذه الحياة المرة لأجل أن تعيش في كنف الرجل. لأن الله فطر المرأة على الاستئناس بالرجل وكما يقول المثل باللهجة المصرية ( ظل راجل ولا ظل حيطة ) وفي خبر هذه المرأة وصلنا إلى الحد الأدنى، وليس هناك أدنى من ذلك .

6-        المرأة الرابعة أول من مدحت زوجها وتصفه بوصف جميل فتقول: (زوجي كليل تهامة،    لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة)،
أي : زوجي لطيف المعشر حسن الخلق مثل أجواء الليل في تهامة المعروفة باعتدال جوها
(لا حر): أخلاقه ليست شديدة، (ولا قُر): أي: ليس بارداً، (ولا مخافة ولا سآمة)، فالمرأة تأخذ راحتها في الحوار وتشعر بالأنس معه .

·        و هكذا هي أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام الذي كان يجلس لأزواجه ويستمع شكايتهن، ويحل المواقف العصيبة جداً بكل هدوء ، ولو تعلمنا من النبي عليه الصلاة والسلام صفة الزوج الصالح لانتهت مشاكل البيوت.
ففي الصحيحين عن عائشة قالت: ( ما رأيت صانعة طعام أجود من صفية ، ففي يوم من الأيام أرسلت صفية رضي الله عنها إناء فيه طعام إلى بيت عائشة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها ومعه ضيوف، فأخذت عائشة الإناء وكسرته، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال لأصحابه: غارت أمكم، ثم أخذ إناءها وأرسله إلى صفية ، وقال: طعام بطعام وإناء بإناء )، فانتهت المشكلة، وحُلت بابتسام، وهكذا إذا عز أخوك فهُن، فإذا كانت المرأة متعصبة ومتصلبة فهُن، ولا يأخذ الرجل العناد والأنفة ويبادر بالطلاق . ( لا حر ولا قر )
فالمرأة في النهاية لا تستطيع أن ترغم أنف الرجل على شيء، فالأولى أن يكون بها حليما ويحاول حل أصعب المواقف بالابتسامة والكلمة الطيبة.

·        و تقول: (ولا مخافة): أي: لا تخاف أن تتكلم بحضرته لأنها إن أخطأت التمس لها العذر وهذا هدي النبي مع أزواجه فقد اخبر النبي الكريم عائشة انه يعرف متى تكون عنه راضية فيسمعها تقول ( لا ورب محمد ) أو ساخطة فتقول ( لا ورب إبراهيم ) فيعذرها ولا يعاتبها على التعبير عن حالتها العاطفية و تعترف عائشة رضي الله عنها وتقول: (نعم والله ما أهجر إلا اسمك)، فتعترف وهي آمنة .

·        وتكمل قولها ( ولا سآمة ) فهي تأنس بزوجها الذي أشعرها بالدفء ولذا كانت أول من مدحت زوجها فطالما أشعرها بالدفء فهي تعطيه قلبها وعقلها . والمرأة ضعيفة وهي مجبولة على أن تأنس بالرجل، وقوتها في ضعفها، كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد قال: ( ما رأيت أذهب للب الرجل الحازم منكن )، فلا يوجد أحد يستطيع أن يخدعك إلا المرأة، فقوتها في ضعفها.

7-    وقالت الخامسة: (زوجي إذا دخل فهِد، وإذا خرج أسد، ولا يسأل عما عهد).
اختلف شراح الحديث هل قولها هذا خرج مخرج الذم أم خرج مخرج المدح؟ لكن الظاهر أنه خرج مخرج المدح،  ومن فوائد قولها :
·        أن من أخلاق الزوج الجيد التغافل وهوالذي يتجاهل الأخطاء بإرادته - وهو نصف العقل- وهي تمدح زوجها بتشبيهه بالفهد لأن الفهد موصوف بالغفلة وكثرة النوم ، فوصفته بأنه يتغافل عما يكون في البيت من تقصير، لكنه ( إذا خرج أسد)  فهو رجل في وسط الرجال.
·        ثم تقول: (ولا يسأل عما عهد) فالمرأة تحب الرجل الكريم الذي يتغاضى عما ينقص قليلا من مؤونة البيت مثلا فهو يوسع عليها فلا يسألها عن كل صغيرة نقصت من البيت فقد تكون أهدته لأحد وهذا من كرمه وإغضائه .

8-    وقالت السادسة: (زوجي إذا أكل لف، وإذا شرب اشتف، وإذا اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث).
(إذا أكل لف): يلف: أي: يأكل من كل الأطباق، ولا يترك صنفاً إلا ويأكل منه،
(وإذا شرب اشتف)، أي: يستمر يشرب حتى لا يبقي شيئاً، فهو نهوم، أكول
ونستفيد منها الدروس التالية :

·        المرأة تشتكي شراهة زوجها في الأكل فهو أكول نهوم وفيه إشارة إلى أنها طباخة ماهرة ويكافئها على ذلك أنه إذا جاء ينام يلتف بلحافه لوحده دون أن يلاطفها ويجازيها على إحسانها والمرأة تحب الملاطفة والكلمة الطيبة بعد أداء مهامها المنزلية .

·        أن اتباع سنة النبي في الأكل هي خير لنا وتحفظ علاقاتنا الأسرية والاجتماعية لأن هديه عليه الصلاة والسلام أن يأكل المرء مما هو أمامه وليس أمام غيره (.. وكل مما يليك )
وأيضا أن نقوم عن الأكل قبل أن نشبع ففي هذا الأمر منافع كثيرة صحية واجتماعية مما يجعلنا أنشط وأقوى إرادة و يجعلنا نراعي نصيب غيرنا في الأكل .

·        من حسن تنظيم المائدة أن يوضع من كل الأصناف أمام كل جالس لكي لا تحوجه إلى مد يده أمام غيره .

·        وتقول : (ولا يولج الكف ليعلم البث) إيلاج الكف: أن يولج الرجل يده على امرأته ويربت على كتفها كعادة الأزواج المحبين ، والمرأة تحتاج بعد عناء اليوم الطويل إلى الكلمة الطيبة، فهي طوال يومها في المطبخ، وتطعم الأولاد، وتنظف البيت . والمرأة إذا اعترفت بجميلها اعترفت بجميلك، فأنت تؤدبها، وتعينها على أن تقدم لك الشكر.

·        ( ليعلم البث) هو لا يربت على كتفي لأبثه حبي أو شكواي فهو غير منتبه لي . والزوج الصالح هو الذي يخفف عن امرأته و يحسن معاملتها ويعطيها حقها كما قال الرسول الكريم ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )

9-    وقالت السابعة - وهذه ما تركت شيئاً في الرجل-: (زوجي عيايا غيايا طباقا)، (عيايا): من العي، (غيايا): من الغي، وهو الضلال البعيد، (طباقا): مقفل لا يتفاهم، (كل داء له داء): كل عيوب الدنيا فيه، كل داء تجده فيه.
(شجك) يجرح وجهها، (أو فلك) يكسر عظمها، (أو جمع كلاً لك)، أي: إما يشج رأسها فقط، وإما يكسر عظمها فقط، وإما يكسر عظمها ويشج رأسها، فهذا الرجل عنيد جداً.

وتشتكي السابعة من شدة ضرب زوجها لها فهو لا يتفاهم ونستفيد منها بعض الدروس :

·        أن الشدة في ضرب الزوجات يورث البغض والله لم يشرع الضرب إلا للإصلاح وقد قيده النبي الكريم في قوله صلى الله عليه وسلم: ( اضربوهن ضرباً غير مبرح )، أي: غير شديد، فعلى الزوج أن يضرب ضرب المحب لا ضرب المنتقم؛ إذ المقصود بالضرب هو الإصلاح.
10-           وقالت الثامنة: (زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب).
(مس أرنب) أي: ناعم البشرة والملمس، كجلد الأرنب، رفيق رقيق، (والريح ريح زرنب)، الزرنب: نبات طيب الرائحة،
فهذه المرأة تمدح زوجها بأنه طيب العشرة، ولم يفتها أن تصفه بنعومة البشرة وطيب الرائحة.

·        وهذا أدب ينبغي أن نتعلمه، فينبغي على الرجل والمرأة أن يحرصا على أن تكون روائحهما طيبة، ومن الأشياء المنفرة التي هدمت بيوت بسببها هذا الموضوع
والرسول عليه الصلاة والسلام كما رواه الإمام مسلم عن شريح بن هانئ قال: قلت لـ عائشة : ( بأي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك )، فأول ما يدخل البيت يستاك، وهذا نوع من إزالة الرائحة الكريهة التي يمكن أن تكون في الفم .

11-           وقالت التاسعة مادحة زوجها : (زوجي رفيع العماد) أي: طويل، ذو هيئة حسنة،(طويل النجاد) أي جراب سيفه طويل حين يلبسه تمدحه بذلك . (عظيم الرماد) تكني عن كرمه
وتدلل على كرمه فتقول أنه (قريب البيت من الناد) ، بيته قريب من مكان اجتماع الناس وقرب ناديهم ، كلما احتاجوا شيئا بذله لهم .

نستفيد منها الدروس التالية :
·        بعض النساء يملن إلى الرجل ذو الوجاهة والمكانة بين الناس فهي تمدح هيئة زوجها في طوله وحسن هيئته وجمال ملبسه فهو ( طويل النجاد ) وكرمه ووجاهته فبيته في وسط المدينة وليس في أطرافها وهو كريم مع الناس .

·        المرأة تحب أن يكون شكل زوجها حسنا ومقبولا


·        المرأة تقدر الزوج الكريم ، وهذه الصفة من الصفات التي كان يحرص العرب عليها كثيراً، والسخاء يغطي كل عيب .

12-           مدحت المرأة العاشرة زوجها مالك بأنه خير مما يخطر ببالك وهذا مدح عال فهو كثير الإبل كثير النحر لشدة كرمه وإيناسه للضيف حتى أنه يعزف لهم على المزهر وهي آلة تشبه العود وهذا من أمر الجاهلية فالغنى مع كرم من الصفات التي تحبها المرأة في زوجها

13-           والمرأة الأخيرة هي بيت القصيد، وهي أم زرع التي سمي الحديث بها تكريما لها و لما اتصفت به من وفاء للأزواج . ونستفيد منها الدروس التالية :

·        المرأة الوفية تذكر فضل زوجها عليها من قديم أو حديث فقد مدحت زوجها الذي أغناها بعد فقر وكان من أهل الزرع والثراء و الترف ، عنده خيل وإبل وزرع ولم يكن كريما معها فحسب ، بل كانت عنده مخدومة معززة مكرمة ومحبوبة مرفهة مدللة فقد كان عزها من عز الرجل ومكانتها من مكانته ، فلا يستطيع أحد أن يرد عليها بكلمة.

·        إذا أعطى الزوج امرأته الحب والحنان و زاد عليه بالكرم والإحسان فقد أخذ بمجامع قلب المرأة فهي لا تنساه أبدا وإن طلقها .

·        بالرغم من أن المرأة المطلقة لا تكاد تذكر لزوجها السابق حسنة فهذه المرأة وفية لاتنسى العشرة الحسنة مع زوجها وإن طلقها وتذكر فضله ، وربما كان بسبب فقدان الحب مع الزوج الثاني .

·        المرأة إذا رضيت عن زوجها وأحبته أحبت أهله ودانت لأمه بالفضل أنها أنجبته فها هي تمدح أم أبي زرع بأنها واسعة الرزق كثيرة النعمة فسيحة الدار . وتترضى على ابنه الذي لا يكلفها بشئ فهو نحيف قليل الأكل لكنه قوي مفتول العضلات ، وتمدح ابنته المتزوجة بأدبها وحسن خلقها و جمالها .

·        تسمية الزوجة الثانية (جارة) تعبير لطيف عن المرأة الأخرى، فلم تقل: وغيظ ضرتها، بل لفظ الجارة لفظ أجمل .

·         المرأة من حبها للرجل وحنينها لتلك الأيام الخاليات ، تذكر كل شيء حتى جارية زوجها وتمدحها ، فهي أمينة لا تنقل ما يحصل في البيت إلى الخارج ، ولا تبذر في الطعام ، فهي امرأة مدبرة، تخاف على المال ، وتنظف البيت .

·        دوام الحال من المحال فها هو أبو زرع يرى امرأة أخرى أعجبته فيتزوج تلك ويطلقها هي .

·        المرأة لا تحب الزوج المتكبر وإن كان ثريا كريما من أشراف الناس . وتكني عن كبره بقولها واضع تحت إبطه رمحاً وراكب على الخيل . والذي يركب الخيل ويدمن ركوبها، تنتقل صفات الخيل إليه، ومن تلك الصفات: الكبر، وقد ورد هذا في كلام الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال: ( الكبر والبطر في أهل الخيل، والسكينة والوقار في أهل الغنم )

·        من صفات الزوجة الصالحة الوفاء لزوجها و إذا قصر معها في إشباع عواطفها ألا تنكر فضله ومعروفه في نواح أخرى كالإنفاق والكرم مثلما فعلت هذه المرأة مع زوجها الثاني فهذا هو الوفاء .

·        فما هو الفرق بين هذا الرجل وبين أبي زرع؟ الفرق: هو الحنان، والحب، هذا هو الفرق، فلم تشعر المرأة مع الرجل الثاني بهذا الحنان والحب الذي شعرت به لما كانت زوجة لـ أبي زرع . ويتضح هذا من قولها (فلو أني جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع ). فالكرم والسخاء وإن كان يغطي العيوب إلا أنه لا يعوض فقدان الحب والحنان .

فقلوب النساء لا تشترى بالمال إنما بالدفء والحب والحنان والكلمة الطيبة ولو دفع ماله كله وهو يتكلم بقسوة، فستذهب هذه الأموال سدى .

·        غالبية الزوجات مدحن أزواجهن ( ست مادحات وخمس ذامات ) وهذا دليل على وفاء المرأة للزوج الذي يملك قلبها .

·        تظهر في الحكاية فائدة نكاح الأبكار فأبو زرع كان الرجل الأول في حياتها الذي أحبته وأحبها وعاشت معه أجمل سنين حياتها . فهو الحبيب الأول الذي يبقى حبه محفورا في الذاكرة ، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بزواج الأبكار، فقال: ( تزوجوا الأبكار فإنهن أعذب أفواهاً، وأنتق أرحاماً، وأرضى باليسير ).

·        وربما كان هذا مراد أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها من حكاية هذه القصة للنبي الكريم لتذكره بفضلها على غيرها من نسائه فهي البكر الوحيدة بين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم . ولذا كان الجواب الذكي من النبي الذي فهم مغزى القصة فقال لها ( كنت لك كـأبي زرع لأم زرع )

·        وزاد في طمأنتها لتدوم له مودتها بقوله عليه أفضل الصلاة والسلام ( ولكني لا أطلقك )


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

 
                                                        دراسة و تحليل / منى القاسمي

المراجع :

1-      موقع الكتروني / ملتقى أهل الحديث ( محاضرة : ليلة في بيت النبي : للشيخ أبي إسحاق الحوينيّ ) .









هناك تعليق واحد:

  1. تعليقاتكم تشجعني وانا بانتظارها
    هل هناك من يدعو لي ولوالدي ولأسرتي
    بالخير لقاء جهودي

    ردحذف